تاريخ الخدمة العسكرية الإلزامية
تاريخ الخدمة العسكرية في الجيش العربي السوري مرتبط بالسياق التاريخي للأمة العربية, فإذا ما بدأنا من أحداث الثورة العربية الكبرى نجد أنها عبرت في انطلاقتها عن عصر الانطلاق لتحرير الأمة العربية من رجس الاحتلال التركي الذي كاد يقضي على جذور الأمة العربية وحضارتها متستراً بجلباب الخلافة الإسلامية.
التجنيد والبدايات 1919:
بعد توقيع هدنة (مودروس) بين الحلفاء والأتراك في 30 تشرين الأول 1918 بدأ الضباط العرب الذين كانوا في الجيش العثماني بالالتحاق بقوات الحكومة العربية في دمشق بغية تشكيل نواة جيش جديد، وكان الملاك المقترح يفضي بأن يكون عدده 18000 مقاتل منهم 15000 جندي و2000 رقيب و1000 ضابط، إلا أن الحكومة العربية لم تتمكن من الوصول إلى نصف هذا الملاك .
في 19 كانون الأول عام 1919 صدر قانون التجنيد الإجباري عن (مجلس المديرين) في الحكومة العربية بدمشق وبموجب هذا القانون تتوجب الخدمة العسكرية الإلزامية على كل من دخل سن العشرين ولم يتجاوز سن الأربعين لمدة ستة أشهر يعطى المجند في نهايتها ورقة تسريح ويمكن للمكلف دفع بدل نقدي مقداره 30 جنيها دفعة واحدة إذا شاء عدم التقدم للخدمة الإلزامية .
ويستثنى من الخدمة ( المفتون ومشايخ الطرق وخطباء وأئمة الجوامع والمدرسون الشرعيون والمعزول والمنصوب والبطاريق والحاخامين والمطارنة والقساوسة والرهبان ومأمورو الحكومة ذو الرواتب وموظفو السكك الحديدية وطلبة المدارس الشرعية ) وكذلك يعفى من الخدمة من كان وحيدا لوالدة ليس لها معين أو لوالد عاجز معدم أو زوجا لامرأة أو أبا لأولاد قصر لا معين لهم أو من كان ذو عاهة تمنعه من الخدمة وغير قادر على دفع البدل، ويعطى لكل جندي خمسون قرشا (نصف جنيه ) في الشهر عدا إعاشته وتجهيزه .
بعد تشكيل وزارة الدفاع في 13 أيار 1920 وتولي يوسف العظمة مهامه أخذ على عاتقه مهمة تنظيم الجيش وصدر ملحق بقانون التجنيد ألغى كثيرا من الاستثناءات وجعل الخدمة تشمل تقريبا كل الذكور من سن معينة عدا (العشائر الرحل وقضاة الشرع والرؤساء الروحيين ومن كان ذو عاهة أو علة)، ويقبل البدل النقدي وقدره (خمسون دينارا) عربيا على قسطين ويخيّر الموظفون بين الخدمة العملية أو دفع البدل النقدي والمواظبة على وظائفهم أو دفع مقدار تعيين جندي إلى أن يصل المقتطع من رواتبهم شهريا معادلا للبدل أو إلى أن يسرح رفاقهم من الخدمة، وخضع عموم الطلبة للخدمة وأُمهل الموجودون في أوروبا، كما ألغي الإعفاء بسبب الإعالة، ولكن أُعطي المحتاج (خمسون قرشا )عن كل فرد من عائلته عند عدم وجود معيل آخر، ومن لم يلب الدعوة إلى الخدمة خلال مدة أسبوعين أو من يحتال في معاملات التجنيد يؤخذ منه البدل النقدي جبرا من أمواله المنقولة وغير المنقولة .
التجنيد بعد الاستقلال:
بتاريخ 15 كانون الأول عام 1947 وبعد نيل سورية لاستقلالها وجلاء الفرنسيين عنها وقيام وزارة الدفاع الوطنية وتنظيم الجيش صدر القانون رقم 356 الخاص بالخدمة الإجبارية ( خدمة العلم ) كما تبعه القانون رقم 874 المنظم لأعمال مديرية التجنيد العامة وشعبها وكانت أول قرعة سيقت للخدمة الإلزامية هي مواليد 1929 وكان تعدادها (45029 ) مكلفا سيق منهم (20911 ) للخدمة والباقون لم يساقوا لأسباب مختلفة منها التأجيل الدراسي والإداري والموانع الصحية والإعالة ودفع البدل من الحالات التي لا يسمح بها القانون .
المرسوم التشريعي رقم115 تاريخ 5/10/1953 وتعديلاته المتضمن قانون خدمة العلم
المرسوم التشريعي رقم 30 لعام 2007 المتضمن قانون خدمة العلم:
أصدر الرئيس بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم 30 لعام 2007 المتضمن قانون خدمة العلم متضمنا أحكاماً وقواعد ونظم خاصة بخدمة العلم الإلزامية والاحتياطية، وحدد القانون مدة الخدمة الإلزامية بــ 24 شهراً (عدلت بموجب المرسوم التشريعي رقم 35 تاريخ 19 / 3 / 2011 لتصبح مدة الخدمة الإلزامية ثمانية عشر شهراَ، أما المكلفين الذين لم ينجحوا في الصف الخامس من مرحلة التعليم الأساسي وما دون فتبقى مدة الخدمة الإلزامية واحد وعشرين شهراَ)، وتم بموجب القانون، تحديد أسس التكليف وقواعد تأجيل الخدمة الإلزامية والإعفاء منها، كما حدد كيفية قبول البدل النقدي من المواطنين العرب السوريين ومن في حكمهم الخاضعين لخدمة العلم والمقيمين خارج الجمهورية العربية السورية في دول عربية وأجنبية إضافة إلى قواعد الخدمة الاحتياطية والمستبعدين منها للأسباب المذكورة في المرسوم التشريعي. وخفض القانون سن التكليف القصوى للخدمة الإلزامية والاحتياطية من 52 عاما إلى 42 عاما، على أن يطبق تعويض بدل فوات الخدمة لأن الخدمة الإلزامية " فرض عين على كل مكلف سوري إلا من يدفع بدلا أو اعفي لأسباب صحية أو خدم في دولة عربية أو أجنبية"، وإن تعويض بدل فوات الخدمة يتدرج حسب المؤهل العلمي وهو بين (150 إلى 250) ألف ليرة سورية.
وقد خلقت الخدمة العسكرية نوعا من الانصهار والتوحد بين مختلف المجندين من شتى أنحاء سورية فكانت مدرسة حقيقية لأبناء الجيل الواحد, قوت من الشعور الوطني وزادته تماسكا وزخما.